السياحة الداخلية لم تعوض غياب الأجانب ودعم ثقافة الأجازات ضرورة وليس مجرد مبادرات

 

الشركات السياحية: تركيز الحجوزات على أجازة منتصف العام خاصة لشرم الشيخ وتدني أسعار الفنادق يهبك بمستوى الخدمات

خراء القطاع: تسويق "مصر في قلوبنا" ضعيف والوضع الاقتصادي لا يشجع المصريين على السفر

ضعف الإشغالات وغلق المنشآت الفندقية أبوابها يؤكد أن توافد المصريين لم يعوض أزمة الركود


كتب- أكرم مدحت - صحفي بموقع ترافل يالا نيوز

أكد أصحاب شركات السياحة أن السياحة الداخلية في مصر تحتاج إلى إستراتيجية وترسيخها كثقافة عامة، وليس مجرد مبادرات مؤقتة يمكنها أن تحفز وتشجع على السفر في ظل التخفيضات التي تعلنها، ولكنها في المقابل تهبط بجودة الخدمات في الفنادق لأن التكلفة لا تعادل مستوى الخدمة السياحية التي تقدم للسائحين الأجانب، كما أن الرحلات السياحية للمصريين تتركز في فترات الأجازات والتي تتسم بارتفاع الأسعار عن الفترات العادية وهو ما يضعف من تحقيق المستهدف من المبادرات.

وتتمثل التوجهات لتنشيط السياحة الداخلية من الجانبين الحكومي والخاص، حيث أطلقت وزارة السياحة مبادرة مصر في قلوبنا أكتوبر الماضي بأسعار مخفضة لمدن الأقصر وأسوان وشرم الشيخ وطابا ونويبع ودهب، ورحلات اليوم الواحد إلى العين السخنة ومزارات بالقاهرة، وعطلة نهاية الأسبوع إلى الإسكندرية، وتقوم هيئة تنشيط السياحة بدعم البرامج المنفذة ماديا، وعلى مستوى القطاع الخاص تم تنظيم معرض ترافل شو إيجيبت منتصف ديسمبر الماضي لتنشيط السياحة الداخلية.

إشغالات الفنادق مازالت ضعيفة

الجدير بالذكر أن الإحصائيات السياحية التي ينفرد "ترافل يالا نيوز" بنشرها كشفت أن متوسط إشغالات الفنادق في جنوب سيناء خلال شهر ديسمبر الماضي سجل أقل مستوى له على الإطلاق ليصل إلى 16%، مقابل 54% في ديسمبر 2014، وفي فنادق البحر الأحمر سجل ديسمبر الماضي 32%، مقابل 54% في نفس الشهر من 2014، وكان نوفمبر بداية الأزمة حيث كان متوسط إشغالات الفنادق في جنوب سيناء 34%، مقابل 79% في نوفمبر 2014، والبحر الأحمر كانت 51%.

أما الأقصر وأسوان فكانوا أفضل حظا حيث كانت إشغالات الفنادق 11% في الأقصر و26% في أسوان خلال ديسمبر الماضي، مقابل 8% و23% على الترتيب في نفس الشهر من 2014.

في هذا السياق، كشف محمود عبدالوهاب رئيس قطاع السياحة الداخلية بهيئة تنشيط السياحة لموقع "ترافل يالا نيوز" أنه تم تنفيذ 13 ألف برنامج رحلات في إطار مبادرة مصر في قلوبنا، منذ بدايتها في أكتوبر حتى 31 ديسمبر 2015، إلى شرم الشيخ والأقصر وأسوان، بالإضافة إلى 15 ألف برنامج لرحلات اليوم الواحد وتشمل مزارات القاهرة والعين السخنة، وعطلات نهاية الأسبوع إلى الإسكندرية.

ووأوضح أن رحلات الأقصر وأسوان بدأت 20 أكتوبر، وشرم الشيخ من 2 نوفمبر 2015، وتم وقف دعم المبادرة في أجازة منتصف العام الدراسي من 28 يناير إلى 13 فبراير المقبل، مع التزام الشركات السياحية المشاركة والفنادق ببيع البرامج بنفس الأسعار المعلنة، والذي يهدف لمد فترتها إلى 30 مايو المقبل بدلا من نهاية إبريل، لعدم إهدار مصروفات الدعم في أوقات الذروة التي تتسم بكثافة إقبال طبيعية.

ويتم دعم برامج رحلات شرم الشيخ بمبلغ 500 جنيها للباكيدج، ورحلات الأقصر وأسوان 700 جنيها للبرنامج المنفذ، وهناك 3 إئتلافات يشملون 300 شركة سياحة مشاركة في المبادرة، وتم ضم طابا ودهب ونويبع للمبادرة.

السياحة الداخلية مبادرات أم ثقافة أجازات

إيهاب عبدالعال عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة ورئيس شركة بلومون للسياحة، يرى أن السياحة الداخلية ليست ملف تنشيط بإنفاق مبلغ دعم معين للشركات، وإنما يجب أن تكون ثقافة عامة تبدأ من المدارس بتنظيم رحلات اليوم الواحد، وفي المرحلة قبل الجامعة يكون هناك مبيت يوم واحد في بعض المدن، ثم رحلات لفترات أطول لشباب الجامعات، ليكون عنده ثقافة التعامل مع المنتج والفنادق.

وأضاف أن مردود المبادرات والمعارض للسياحة الداخلية ليس إيجابي، لأن الأمر منحصر في موسم الأجازات، وتلقائيا سيسافر المصريون إلى شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان في أجازة منتصف العام الدراسي، وبعدها سيضعف السوق، لذلك ثقافة السفر يجب أن تعتمد على تنوع في التواريخ على مدار العام، ولكنها سوف تستغرق فترة طويلة لترسيخها، كما أن الوضع الاقتصادي للمواطن المصري غير مناسب لتكثيف رحلاته إلى المدن السياحية.

ويقترح الاهتمام بالسياحة الداخلية كمنتج طول السنة وليس بديل عن الأجانب في حالة الأزمات والركود، مثل تخصيص 25% من طاقة الفنادق للمصريين يجب اجتذابهم، ويكون له أسعار مثل الأجانب الذين يحصلون على تسهيلات وأسعار مخفضة وفقا لحجم التعاقد.

ومن جانبه قال، حسن مأمون الرئيس التنفيذي لمجموعة المأمون للسياحة والفنادق، إن مبادرة مصر في قلوبنا كان يجب أن تطبق منذ سنوات وليس في أوقات الأزمات، وهذا ما نفتقده، كما أن السياحة الداخلية مرتبطة بمواسم أجازات محدودة، رغم أن الشركات تعمل طوال العام وملزمة بمصروفات تشغيل، والسياحة الأجنبية الوافدة ضعيفة جدا.

وفي سياق متصل أوضح عاطف عبدالعال مدير فرع شركة المأمون بالقاهرة ومسئول عن السياحة الداخلية أنه عندما بدأنا العمل على برامج السياحة الداخلية لمصر حرصنا على أن تكون متنوعة وتغطي المدن السياحية، وكانت الأبرز شرم الشيخ وقدمنا البرامج التي تناسب الشرائح المتنوعة من الجمهور بداية من فنادق 5 نجوم ديلوكس، إلى 4 نجوم، وذلك أيضا بالغردقة والأقصر وأسوان ومرسى علم وسومة باي والعين السخنة ورأس سدر، وبدأنا عرض برامج بالانتقالات وبدون، ونصف إقامة فطار بأسعار تحفيزية.

وأشار إلى أن هناك تخفيضات كبيرة تصل إلى 50%، مع معظم الفنادق تشجيعا للسياحة الداخلية ومساعدة الفنادق في عبور الأزمة، لتصبح بعض البرامج بسعر 999 جنيه بفندق 5 نجوم إقامة شاملة 4 أيام/3 ليالي بالانتقالات.

ولفت إلى أن هناك توجه من القيادة السياسية للجهات الحكومية إلى جانب النقابات، أن تدعم السياحة الداخلية، ولامسناه في الفترة الأخيرة بإقبال الناس أفضل من الأعوام الماضية، سواء في أجازة منتصف العام أو منذ بداية موسم الشتاء للمشاركة في المبادرات، ولكن التحدي الأكبر فترة الامتحانات في المدارس والجامعات، ولكن الحجوزات ليست بالشكل الكافي.

تعامل المصريين مع الفنادق يحتاج إلى حملة توعية

وفي السياق ذاته، قال الدكتور عاطف عبداللطيف عضو جمعية مستثمري جنوب سيناء إن مبادرات السياحة الداخلية لن تؤتي ثمارها المستهدف سريعا، ولكنها محاولة بدلا من الوقوف مكتوفي الأيدي لتسليط الضوء والتأكيد على أمان المقصد المصري.

وأشار إلى أنه يتم حاليا تقديم برامج متكاملة بالإقامة والانتقالات بأسعار خاصة وتسهيلات للبنوك والنقابات، لتشجيع السياحة الداخلية، وتصل تخفيضات العروض أكثر من 50%، للحفاظ على تشغيل الفندق، ورغم ذلك هناك نحو 50 فندقا أغلقوا أبوابهم لضعف الإشغال، موضحا أن جميع الحجوزات تتركز على أجازة منتصف العام، ولكنها ليست بأعداد كبيرة أو المستهدف، وغالبا يفضل المصريون الحجز في اللحظة الأخيرة، وبشأن وقف دعم المبادرة في الأجازة مناسبة لأنه الخصومات والتخفيضات أصلا تستهدف التنشيط في وقت الركود.

وبشأن تعامل المصريين مع الفنادق شدد على ضرورة إطلاق حملة توعية، لأن هناك شكوى من الفنادق في تعامل المصريين والإهلاك الكبير، مشيرا إلى أن الكثير من المصريين بدأ يكون لديهم ثقافة الترحال والتنقل وبالتالي كيفية التعامل مع الفنادق والطائرة، ولكننا نحتاج نوعي الناس ببعض المعلومات لتجنب الأخطاء.

وأكد هاني حسين مدير السياحة بشركة "سلطانة تورز" أن السياحة الداخلية ليست شرم الشيخ أو الغردقة فقط، ولكن تم التركيز عليهم من قبل المصريين لأنه كان صعب يعملوا فيهم أجازات قبل ثورة يناير 2011، وبعد حادث الطائرة الروسية وتراجع حركة السياحة الدولية الوافدة اتجهنا للسوق المحلي بقوة، ولكننا نحتاج إلى إقامة معارض للسياحة الداخلية من خلال ترويج قوي.

أسعار الطيران أقوى المحفزات وليست الإقامة فقط

وأوضح حسين أن الشركات تركز على حجوزات المصريين في أجازة منتصف العام الدراسي، وتتحدد نسب التخفيض حسب المقصد السياحي، وما تشمله الإقامة في البرنامج، ونحتاج أن تعلن مصر للطيران عن تخفيضات خاصة للمصريين على التذاكر والتي ستكون محفز قوي على الإقبال على السياحة الداخلية للمدن السياحية المتأثرة، والتي تكون وسيلة الانتقال عامل أساسي في التحفيز لها، ونحتاج إستراتيجية عامة في القطاع السياحي وليس مبادرة، كما أن إئتلاف الشركات غير معروف والمصري يقبل على الشركات التي يعرفها وتعامل معها من قبل، مشيرا إلى أن زيادة فترة أجازة منتصف العام بالتأكيد تسهم في مزيد من الإقبال على السياحة الداخلية.

واتفق معهم، محمد عبدالعزيز مدير التسويق والمبيعات لشركة مصر الجديدة للسياحة، بأن السياحة الداخلية مرتبطة بالأجازات ولكن من المعروف أن أسعار الرحلات تكون مرتفعة في تلك الفترات الموسمية التي تتسم بالذروة مثل منتصف العام الدراسي، لذلك بعض العملاء يفضلون الحجز بعد انتهاء الأجازة.

وأضاف أن المبادرات لم تحقق النتائج المستهدفة، كما أن مبادرة مصر في قلوبنا هبطت بأسعار الفنادق بشكل كبير، ويرى أن كونكورد السلام من أفضل الفنادق المشاركة في المبادرة ولكن كثافة إقبال المصريين قد يكون له جوانب سلبية في عدم الوعي في التعامل مع الفنادق وخدماتها مما يرهقها ويزيد من أعباء مصروفات الهالك والصيانة.

ومن جانبه قال محمد رأفت رئيس شركة نيو إيدج للسياحة إن المبادرات يقابلها خدمات ضعيفة ويقلل من مستوى الفنادق، لأنه لا يوجد دعم فعلي للخدمات التي يقدمها الفندق، فيضطر أن يخفض من مستوى جودتها لتعادل تكاليفها العائد من الأسعار التحفيزية المعلنة في إطار المبادرات، أو في الركود السياحي.

وأضاف أننا لم نحقق سوى 25% من حجم نشاط السياحة الداخلية الموسم الماضي، لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي للمواطن مهما خفضت من الأسعار فالسياحة والسفر ليست من الأولويات الملحة، مشيرا إلى أن المبادرات تسهم في التنشيط ولكنها لا تحقق المستهدف، والتسويق لمبادرة مصر في قلوبنا ضعيف جدا ولا يشعر بها المواطن، أو الشركات والترويج لها ليس على المستوى المطلوب.

وأوضح أن أسعار البرامج في السياحة الداخلية أرخص من العام الماضي بنسبة 25% تقريبا، بسبب الأزمة التي يمر بها القطاع السياحي محاولا جذب وتحفيز المصريين لزيادة نشاط السياحة الداخلية، ومن المتوقع نمو هذا الأمر، والإقبال في أجازة منتصف العام الدراسي وموسم الشتاء بشكل عام على شرم الشيخ والأقصر، ولكننا ما زلنا نفتقد ثقافة الأجازات، كما أن الوضع الاقتصادي غير محفز لعمل رحلات بالكثافة المطلوبة ولكافة الطبقات، والأسعار المعروضة في المبادرة التي تصل إلى نحو 300 جنيه للبرنامج في شرم الشيخ، ينزل بمستوى الخدمات السياحية إلى مرحلة تهدد نمو السياحة الأجنبية في حالة عودتها.